أن يستطيع مستخدم الكومبيوتر الدخول إلى
الأجهزة الأخرى بطريقة ما لتبادل المعلومات والثقافات، ورغم كثيراً من
التعقيدات التقنية وخاصة في الثمانيات، وعدم رغبة الحكومات والمؤسسات
العسكرية في تحويل الشبكات الحاسوبية المقترنة بها إلى شبكات عمومية، يمكن
لأي أحد أن يرتادها، استطاع ذلك الشاب البريطاني تجاوز هذه العقبات، لتظهر
الإنترنت.
كان المنجز الذي حصلت عليه البشرية والذي بات الآن من رواسخ حياتها، بدأ مع البريطاني “تيم بيرنرز لي“، الذي لم يكن يخطر في ذهنه أن ما فعله في نهاية ثمانينات القرن الماضي وبداية تسعينياته، سيغير وجه التاريخ.
ظهرت فكرة الإنترنت في بداية الستينيات في
الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الغرض منها خدمة الأغراض العسكرية،
نتيجة مشروع كان تابعًا لوزارة الدفاع الأميركية؛ وقد أنشئ هذا المشروع من
أجل ربط الجامعات ومؤسسات الأبحاث بعضها الآخر.
لم يجرِ استخدام الانترنت بشكل واسع حتى
أوائل التسعينات من القرن العشرين على الرغم من توافر التطبيقات الأساسية
والمبادئ التوجيهية التي تجعل من استخدام الانترنت أمرًا ممكنًا ومتاحًا
للجميع.
الإنترنت في بدايتها لم تكن مشروعاً
عمومياً، فهي بدأت كفكرة يتم البحث فيها وحولها منذ نهاية خمسينات القرن
الماضي، غير أن أول عملية توصيل بين أجهزة الحاسوب وباستخدامات بسيطة
بالقياس إلى زمننا الحالي تمت في الستينيات، عبر ربط أوائل الحواسيب من 4
جامعات أميركية، وكان ذلك عبر شبكة ” ARPANET ” أو مشروع وزارة دفاع
الولايات المتحدة.
ومع بداية الثمانينيات ظهرت عبارة الشبكة
العالمية (International Network) والتي صار اسمها لاحقا الإنترنت، ظهرت
بالمعنى الذي تطور مع الوقت ليصبح واقع لا غنى عنه الآن.
الفكرة بدأت بسيطة وغير مغرية للوهلة
الأولى وانطلقت من الفضول المعرفي الذي حكم عقل “تيم بيرنرز لي” طيلة سنوات
عمله بين المؤسسات والشركات التقنية.
خبرة “تيم بيرنرز لي” كمهندس برامج في
معمل سيرن الأوروبي للفيزياء وخبرته بالعمل في النظم السريعة والموزعة
لتجميع البيانات العلمية ونظم التحكم، هي ما جعلته يفكر باقتراح مشروع لغة
تعليم النص العالمي المترابط، وهو ما عُرف فيما بعد بالشبكة العالمية
(World Wide Web) والذي صُمم ليتيح للمستخدمين بأن يعملوا معاً، بأدواتٍ
معرفية موحدة معروفة ومفهومة من خلال صفحات ووثائق لغة تعليم النص المترابط
على الإنترنت.
ووضع أسس أول برنامج مستقل لتصفح إنترنت؛
وكان البرنامج (World Wide Web) أو (WWW) الأول متاحاً من خلال معهد سيرن،
وأُطلق على الإنترنت في صيف 1991.
يمكن تبسيط مفهوم (WWW) على أنه نظام للترابط بين النصوص في الإنترنت.
هذا الترابط المتداخل بين النصوص في
الإنترنت، يسمح بالانتقال فيما بين الصفحات باستعمال متصفحات إنترنت،
وصفحات الويب من الممكن أن تحتوي على نصوص، وصور، وأصوات، وفيديو، وصور
متحركة وغير ذلك. ويقوم بتوفير هذه الصفحات في الإنترنت “خادم” أو
“server”، ويقوم هذا الخادم بإرسال الصفحات ومحتوياتها بناء على الطلب من
متصفح المستخدم.
ظل “تيم” مقتنعاً بأن حرية الوصول إلى المعلومات هي من الحريات الأساسية للمواطنين؛ ومن أشهر مقولاته
أي مجتمع ديمقراطي، يجب أن يكون الناخبون على اطلاع ولهم الحق أن يعرفوا كل المعلومات التي يطلبونها إذا كانت متوفرة.
لذلك تابع تيم عمله على تصميم الويب
وتنسيق الملاحظات من المستخدمين عبر الإنترنت، وعندما انتشرت تكنولوجيا
الويب، وفي العام 1994، عمل ” تيم ” كمدير لمنظمة “World Wide Web
Consortium”، والتي أنشئت لتكون منظمة دولية لوضع المعايير لشبكة الويب
العالمية.
تعمل منظمة W3C”” على خلق ووضع قواعد
ومواصفات ومعايير الويب الأساسية وتطوير التكنولوجيات الحالية. معايير وهي
التي تقود شبكة الويب إلى الأمام، وهدفها هو تحسين التفاعل بين مستخدمي
الشبكة وتوفير نماذج موحدة للناس لسهولة التعاون بينهم.
ظلت فكرة أن تبقى الشبكة متاحة للجميع دون
قيود، هي الفكرة المسيطرة على عقل “تيم” لأنه أدرك تماماً أن امتلاكها من
جانب جهة ما سيجعلها قادرة على جني أموال طائلة، وهذا ينافي إيمانه العميق
بحرية الوصول ونقل المعلومات بأشكالها المختلفة، لتساهم في تنمية المعرفة،
ولتكون نواة حقيقية للتواصل بين البشر، والهدف الأعمق هو أن تتطور الشبكة
بشكل كبير، وهو ما نجح بالفعل في تحقيقه، فقد تطورت الشبكة العنكبوتية
لتصبح بالشكل الذي تتصفحه الأن.
هذه أحدي محاضرات تيد والتي ألقاها “Tim Berners-Lee”:
تستطيع تشغيل الترجمة من إعدادات الفيديو…
ختاماً؛ يبدو أن أفكار “تيم بيرنرز لي”
المستقبلية وبصورة عامة، هي إيصال الشبكةت للحد الذي تكون فيه متاحة
للاستخدام من جميع سكان الأرض الذين لا يتمكنون من الوصول إليها، وهي أفكار
مشابهة تماما لأفكار مؤسس أكبر موقع تواصل اجتماعي
“مارك زوكربيرج”، والذي يسعى أيضا لإيصال
خدمات موقعه لجميع سكان الأرض، وكما يتوقع علماء الفيزياء المهتمين بدراسة
المستقبل، إننا محظوظون لمعاصرتنا ميلاد تليفون من النوع الأول من الحضارات
الذكية، ربما علينا ألا نجعلها سلاح قد يساء استخدامه لصالح جهات مجهولة.
0 comments:
Post a Comment